AD2

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

السكينة

 السكينة تعني الطمأنينة والهدوء والاستقرار النفسي وراحة البال، فهي مشتقة من السكون، الذي هو ضد الاضطراب.
قال الله تعالى عن فتح مكة: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الفتح: 4]، وقال عن جزائه لمن عقدوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيعة الرضوان: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح: 18]، فكانت السكينة منحة إلهية يمنحها من يشاء من عباده الصالحين المخلصين، تقرُّ بها أنفسهم وإن كانوا في أصعب الظروف وأحلك المواقف، كما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة، حين حاصر مشركو قريش داره، وكادوا أن يفتكوا به، فنجَّاه الله منهم وأنزل سكينته عليه، قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40]، وكما فعل مع المسلمين في غزوة حنين حين اغترَّ المسلمون بكثرتهم، فتعرَّضوا في البداية للهزيمة، وضاقت عليهم الأرض وتولَّوا مدبرين، فأنزل الله سكينته على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم حتى تمَّ لهم النَّصر؛ ليعلموا أن النَّصر من عند الله لا بسبب كثرةٍ أو قوةٍ؛ قال تعالى: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ۞ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) [التوبة: 25-26].
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلبُ السَّكينةِ من اللهِ جل وعلا، يستعين بها على مواجهة الصعاب وتحمُّلِ الشدائد، فكان يقول أثناء حفر الخندق حول المدينة يوم الأحزاب، وهو ينقل التراب، وقد وارى الترابُ بياضَ بطنِه: «لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» رواه البخاري.
كذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسَّكينة في أداء العبادات، حتى تتسنى لنا الإفادة منها والتعرض لبركاتها؛ قال أحد الصحابة: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ سمع جلبة رجال، فلما صلَّى قال: «مَا شَأْنُكُمْ؟» قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: «فَلَا تَفْعَلُوا؛ إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» رواه البخاري.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عرفة، فسمع النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وراءه زجرًا شديدًا، وضربًا وصوتًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال: «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ» رواه البخاري، والإيضاع: حمل الدابة على الإسراع.
وإذا كانت السكينة منحة إلهية؛ فإنَّ على المرء في الوقت ذاته أن يُوَطِّنَ نفسه على الهدوء والتروي والتأني في أموره وأفعاله، وعدم التعلق بما يؤدِّي لاضطراب نفسه وتوتُّر أحواله من تحصيل متع الدنيا الزائلة، واللهاث خلفها، والتزيُّن بزينتها، بل يتعلَّقُ بالله سبحانه وتعالى ويرضى بقضائه ويُقِرُّ بحكمته.
المصادر:
- "السكينة" للدكتور محمد شامة، ضمن "موسوعة الأخلاق" (ص: 321-325، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).
- "التحرير والتنوير" للطاهر بن عاشور (26/ 174 وما بعدها).

الأربعاء، 13 ديسمبر 2017

هل آلمتك وحدتك؟؟

هل آلمتك وحدتك؟؟ .. هل تشكو منها؟؟ .. تشكو الفراغ داخلك.. الفراغ يتسع.. الفراغ يقتلك.. الوحدة صعبة.. هل آلمتك؟؟ .. هل ستطلب اهتمام "أحدهم" .. ستعتاد.. سيكون ملاذك للخلوص من وحدتك للحظة.. سيملأ شيء من الفراغ.. " احدهم " لم يعد يهتم.. " احدهم " لن يهتم كما ينبغي.. سيخذلك.. الفراغ يعود.. الفراغ يزيد.. هل تؤلمك وحدتك؟؟ .. هل تشكو منها؟؟ .. أكثر...؟!!

السبت، 2 ديسمبر 2017

فوضى المشاعر

كان يسير ع مهل.. فكان قد اكتسب عادة المشي بعدما ينتهي من اي يوم طويل، حتي ولو كان منهك.. فقد كان يحس ف هذا الوقت القليل الذي يقضيه ف السير بعض من صفاء الذهن وسط هذا الكم من الضغوطات، وأحياناً آخرى كان يعجبه الجو ف آخر النهار، ع الرغم من زحمة السيارات والضوضاء التي تسببها ..
ومع ذلك كان ذهنه ملئ بالتشوشات، وباله مشغول ودائماً ما كان يفكر.. يفكر كثيراً ويحدث نفسه كثيراً.. كان يسير دون رؤى .. لا يرى المارة ولا يرى الطريق.. ينظر إلى الأمام ولا يرى شيئاً من معالم الشوارع ، لانه كان ينظر إلى اللاشيء، ينظر إلى الفراغ.. الفراغ داخله..
كان أحياناً يتأمل كم هي الحياة سريعة.. وكيف تسيير بلا توقف.. وعلينا أن نتماشى معها دون أن نعطل ف الطريق أو حتي نستريح كي نأخذ أنفاسنا إن كنا متعبين.. وكم هو بطيء ولا تتلائم سرعته مع سرعة الحياة.. ولكن ما الحيلة..؟؟ ها، لنا الله والله وحده يعلم...
الله يعلم كل شيء، يعلم العقبات التي تواجهنا ويعلم ابتهالاتنا ودعواتنا ونوايانا وايضا ذلاتنا، ويغفر، هو يعلم عنا كل شئ حتي الأشياء التي لا نعرفها نحن عن أنفسنا.. وهذا هو عزائنا ف هذه الدنيا...
كانت بالأمس الامطار تغرق الشوارع.. والناس داخل بيوتها.. وها نحن اليوم، ابتعلت الأرض الماء.. والدماء ايضاً ان وجدت.. وعادت الحياة إلى وتيرتها السابقة.. عادت ضحكات الأطفال.. عادت أصوات الباعة تعلو ف الأسواق..
كان يفكر كم للأيام المتعاقبة من قوة ع أن تمحو الأيام الماضية ، وكم لنعمة النسيان قدرة أن تمسح ذاكرة المدينة .. عادت المدينة إلى سالف عهدها مهما طرأ عليها من تغير..
وسط كل هذا التيه داخله والأفكار المتشابكة.. أحس بإحساس مفاجئ.. وهو ليس بجديد.. هو احساس مؤلوف لديه، ومعتاد عليه.. كثيراً ما يأتيه.. وكأنه ضيف لابد من استقباله.. احساس الحنين إلى ماضي وإلى ذكرى لم ينساها.. وكم أن المدينة دائماً تعود إلى سالف عهدها...