AD2

الجمعة، 2 ديسمبر 2016

لكنها لم تعد

كان يسير ع مهل.. فكان قد اكتسب عادة المشي بعدما ينتهي من اي يوم طويل، حتي ولو كان منهك.. فقد كان يحس ف هذا الوقت القليل الذي يقضيه ف السير بعض من صفاء الذهن وسط هذا الكم من الضغوطات، وأحياناً آخرى كان يعجبه  الجو ف آخر النهار، ع الرغم من زحمة السيارات والضوضاء التي تسببها ..
ومع ذلك كان ذهنه ملئ بالتشوشات، وباله مشغول ودائماً ما كان يفكر.. يفكر كثيراً ويحدث نفسه كثيراً.. كان يسير دون رؤا..  لا يرى المارة ولا يرى الطريق.. ينظر إلى الأمام ولا يرى شيئاً من معالم الشوارع ، لانه كان ينظر إلى اللاشيء، ينظر إلى الفراغ.. الفراغ داخله..
كان أحياناً يتأمل كم هي الحياة سريعة.. وكيف تسيير بلا توقف.. وعلينا أن نتماشى معها دون أن نعطل ف الطريق أو حتي نستريح كي نأخذ أنفاسنا إن كنا متعبين.. وكم هو بطيء ولا تتلائم سرعته مع سرعة الحياة.. ولكن ما الحيلة..؟؟ ها، لنا الله والله وحده يعلم...
الله يعلم كل شيء، يعلم العقبات التي تواجهنا ويعلم ابتهالاتنا ودعواتنا ونوايانا وايضا ذلاتنا، ويغفر، هو يعلم عنا كل شئ حتي الأشياء التي لا نعرفها نحن عن أنفسنا.. وهذا هو عزائنا ف هذه الدنيا...
كانت بالأمس الامطار تغرق الشوارع.. والناس داخل بيوتها.. وها نحن اليوم، ابتعلت الأرض الماء.. والدماء ايضاً ان وجدت.. وعادت الحياة إلى وتيرتها السابقة.. عادت ضحكات الأطفال.. عادت أصوات الباعة تعلو ف الأسواق..
كان يفكر كم للأيام المتعاقبة من قوة ع أن تمحو الأيام الماضية من ذاكرة المدينة، وكم لنعمة النسيان قدرة أن يمسح ذاكرة المدينة .. عادت المدينة إلى سالف عهدها مهما طرأ عليها من تغير..
وسط كل هذا التيه داخله والأفكار المتشابكة.. أحس بإحساس مفاجئ.. وهو ليس بجديد.. هو احساس مؤلوف لديه، ومعتاد عليه.. كثيراً ما يأتيه.. وكأنه ضيف لابد من استقباله.. احساس الحنين إلى ماضي وإلى ذكرى لم ينساها.. وكم أن المدينة دائماً تعود إلى سالف عهدها...
لكنها هي لم تعد ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق