AD2

الخميس، 30 نوفمبر 2017

من كتاب سيكولوجية الجماهير للكاتب غوستاف لوبون


مقتطفات من كتاب سيكولوجية الجماهير للكاتب غوستاف لوبون


الفرد ما ان ينخرط في جمهور محدد حتى يتخذ سمات خاصة ما كانت موجودة فيه سابقا , او يمكن القول انها كانت موجودة ولكنه لم يكن يجرؤ على البوح بها او التعبير عنها بمثل هذه الصراحة و القوة
-------
علم النفس الجماعي يفيدنا ويضيء عقولنا عندما يشرح لنا جذور تصرفاتنا العمياء و الاسباب التي تدفعنا للانخراط في جمهور ما و التحمس اشد الحماس للزعيم فلا نهي ما فعلناه الا بعد ان نستفيق من الغيبوبة وربما جعلنا ذلك اكثر حيطة و حذراً في الانبطاح امام زعيم جديد قد يظهر
-------
ان النفسية الجماعية لفئة ما ليست هي مجموع النفسيات الفردية لاعضائها .. كما ان الجماعة ليست محصلة لمجموع الافراد
-------
لقد حلت السياسة محل الدين ولكنها استعارت منه نفس الخصائص النفسية .. بمعنى آخر اصبحت السياسة دينا معلمنا وكما في الدين فقد اصبح البشر عبيدا لتصوراتهم الخاصة بالذات
-------
الحقائق ليست مطلقة ولا ابدية وانما لها تاريخ محدد بدقة و عمرها قد لا يتجاوز عمر الزهور او قد يتجاوز عمر القرون ان لها لحظة ولادة و نمو وازدهار مثلها مثل الكائنات الحية ثم لحظة ذبول فشيخوخة فموت
-------
كما ان روح الفرد تخضع لتحريضات المنوم المغناطيسي او الطبيب الذي يجعل شخصا ما يغطس في النوم فان روح الجماهير تخضع لتحريضات و ايعازات احد المحركين او القادة الذي يعرف كيف يفرض ارادته عليها .. و في مثل هذه الحالة من الارتعاد والذعر فان كل شخص منخرط في الجمهور يبتدىء بتنفيذ الاعمال الاستثنائية التي ما كان مستعدا اطلاقا لتنفيذها لو كان في حالته الفردية الواعية والمتعقلة .. فالقائد الزعيم اذ يستخدم الصور الموحية و الشعارات البهيجة بدلا من الافكار المنطقية والواقعية يستملك روح الجماهير و يسيطر عليها
-------
الجماهير مجنونة بطبيعتها .. فالجماهير التي تصفق بحماسة شديدة لمطربها المفضل او لفريق كرة القدم الذي تؤيده تعيش لحظة هلوسة و جنون .. والجماهير المهتاجة التي تهجم على شخص لكي تذبحه دون ان تتاككدك من انه هو المذنب هي مجنونة ايضاً .. فاذا ما احبت الجماهير دينا ما او رجلا ما تبعته حتى الموت كما يفعل اليهود مع نبيهم و المسيحيون المتعصبون وراء رهبانهم والمسلمون وراء شيوخهم .. والجماهير اليوم تحرق ما كانت قد عبدته بالامس و تغير افكارها كما تغير قمصانها
-------
هناك نمطين من الفكر فقط : الاول يستخدم الفكرة المفهومية و الثاني يستخدم الفكرة المجازية او الصورية .. والاول يعتمد على قوانين العقل و البرهان والمحاجة المنطقية و اما الثاني فيعتمد على قوانين الذاكرة والخيار و التحريض .. واكبر خطأ يرتكبه القائد السياسي هو ان يحاول اقناع الجماهير بالوسائل العقلانية الموجهة الى اذهان الافراد المعزولين
--------
الاحداث الضخمة المأثورة التي تتناقلها كتب التاريخ ليست الا الاثار المرئية للمتغيرات اللامرئية التي تصيب عواطف البشر
--------
هناك عاملان اساسيان يشكلان الاساس الجذري لتحول وتبدل الفكر البشري في الفترة الحالية الاول هو تدمير العقائد الدينية و السياسية و الاجتماعية التي اشتقت منها كل عناصر حضارتنا .. والثاني هو خلق شروط جديدة كليا بالنسبة للوجود و الفكر و قد تولدت عن الاكتشافات الحديثة للعلوم و الصناعة
---------
نضال الجماهير هو القوة الوحيدة التي لا يستطيع ان يهددها اي شيء .. وهي القوة الوحيدة التي تتزايد هيبتها و جاذبيتها باستمرار
----------
لم تعد مقادير الامم تحسم في مجالس الحكام و انما في روح الجماهير
----------
ان الجماهير غير ميالة كثيراً للتأمل .. وغير مؤهلة للمحاكمة العقلية ولكنها مؤهلة جداً للانخراط في الممارسة والعمل والتنظيم الحالي يجعل قوتها ضخمة جداً .. والعقائد الجديدة التي نشهد ولادتها امام اعيننا اليوم سوف تكتسب قريبا نفس قوة العقائد القديمة : اي القوة الطغيانية و المتسلطة التي لا تقبل اي مناقشة او اعتراض
-----------
عندما تفقد القوى الاخلاقية التي تشكل هيكل المجتمع زمام المبادرة من يدها .. فان الانحلال النهائي يتم عادة على يد الكثيرة اللاواعية والعنيفة التي تدعى عن حق البرابرة
-----------
ان معرفة نفسية الجماهير تشكل المصدر الاساسي لرجل الدولة الذي يريد الا يُحكم كليا من قبلها و لا اقول يحكمها لان ذلك قد اصبح صعبا جداً اليوم
-----------
ليست الوقائع بحد ذاتها هي التي تؤثر على المخيلة الشعبية و انما الطريقة التي تعرض بها هذه الوقائع
-----------
الانسان ليس متدينا فقط عن طريق عبادة آلهة معينة وانما ايضا عندما يضع كل طاقاته الروحية و كل خضوع ارادته و كل احتدام تعصبه في خدمة قضية ما او شخص ما كان قد اصبح هدف كل العواطف والافكار و قائدها
-----------
ان عدم التسامح و التعصب يشكلان المرافق الطبيعي للعاطفة الدينية
-----------
الكلمات ليس لها الا معان متحركة و مؤقتة و متغيرة من عصر الى عصر و من شعب الى شعب و عندما نريد ان نؤثر على الجمهور بواسطتها فانه ينبغى علينا اولا ان نعرف ما هو معناها بالنسبة له في لحظة معينة وليس معناها في الماضي او معناها بالنسبة لافراد ذوي تكوين عقلي مختلف فالكلمات تعيش كالافكار
------------
لكي نقنع الجماهير ينبغي اولا ان نفهم العواطف الجياشة في صدورها و ان نتظاهر باننا نشاطرها اياها ثم نحاول بعدئذ ان نغيرها عن طريق اثارة بعض الصور المحرضة بواسطة الربط غير المنطقي او البدائي بين الاشياء
------------
ان دور القادة الكبار يكمن في بث الايمان سواء اكان هذا الايمان دينيا ام سياسيا ام اجتماعيا , انهم يخلقون الايمان بعمل ما او بشخص ما او بفكرة ما , و من بين كل القوى التي تمتلكها البشرية نجد ان الايمان كان احدى اهمها و اقواها
------------
في كل الدوائر الاجتماعية من اعلاها الى اسفلها نجد ان الانسان يقع تحت سيطرة قائد ما اذا لم يكن معزولا و نجد ان معظم الافراد خصوصا في الجماهير الشعبية لا يمتلكون خارج دائرة اختصاصهم اية فكرة واضحة و معقلنة و بالتالي فهم عاجزون عن قيادة انفسهم بانفسهم
------------
ان التاثير المزدوج للماضي والتقليد المتبادل يؤديان في نهاية المطاف الى جعل كل البشر التابعين لنفس البلد ونفس الفترة متشابهين الى درجة انه حتى اولئك الذين يتوقع منهم ان يفلتوا من هذا التشابه كالفلاسفة والعلماء والادباء يبدون متشابهين في اسلوبهم ومطبوعين بطابع الفترة التي ينتمون اليها
-------------
ان الثورات تساعد على التدمير الكلي للعقائد التي اصبحت مهجورة ولكنها لا تزال رازحة بسبب نير الاعراف والتقاليد
--------------
ان الطغاة الحقيقيين للبشرية كانوا دائما اشباح الموتى او الاوهام التي خلقتها بنفسها
---------------
هناك اسباب عديدة تتحكم بظهور الصفات الخاصة بالجماهير و أولها هو ان الفرد المنضوي في الجمهور يكتسب بواسطة العدد المتجمع فقط شعورا عارما بالقوة , و هذا ما يتيح له الانصياع الى بعض الغرائز و لولا هذا الشعور لما انصاع , و هو ينصاع لها عن طوع و اختيار لان الجمهور مُغفل بطبيعته و بالتالي فغير مسؤول . و بما ان الحس بالمسؤولية هو الذي يردع الافراد فانه يختفي في مثل هذه الحالة كليا
----------------
الخصائص الاساسية للفرد المنخرط في الجمهور هي : تلاشي الشخصية الواعية , هيمنة الشخصية اللاواعية , توجه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض والعدوى للعواطف و الافكار , الميل لتحويل الافكار المحرض عليها الى فعل و ممارسة مباشرة , و هكذا لا يعود الفرد هو نفسه و انما يصبح انسان آلي ما عادت ارادته بقادرة على ان تقوده
-----------------
مجرد ان ينطوي الفرد داخل صفوف الجماهير فانه ينزل درجات عديدة في سلم الحضارة
-----------------
ان الجمهور يمكنه بسهولة ان يصبح جلاداً و لكن يمكنه بنفس السهولة ان يصبح ضحية وشهيداً فمن اعماقه سالت جداول الدم الغزيرة الضرورية لانتصار اي عقيدة او ايمان جديد
------------------
الجمهور ليس بحاجة لان يكون كثير العدد لكي تدمر امكانيته على الرؤية بشكل صحيح و لكي تحل الهلوسات محل الوقائع الحقيقية التي لا علاقة لها بها , فيكفي ان يجتمع بعض الافراد لكي يشكلوا جمهوراً و حتى لو كانوا علماء متميزين , فانهم يتحلون بكل صفات الجماهير فيما يخص الموضوعات الخارجية عن دائرة اختصاصهم , ذلك ان ملكة الملاحظة و الروح النقدية التي يمتلكها كل واحد منهم تضمحل و تتبخر
------------------
ليس للاساطير اي تماسك ذاتي , فخيال الجماهير يحولها و يعدلها باستمرار بحسب الازمان , وخصوصا بحسب الاعراق و الاجناس
------------------
ان بساطة عواطف الجماهير و تضخيمها يحميها من عذاب الشكوك و عدم اليقين . فالجماهير كالنساء تذهب مباشرة نحو التطرف , فما ان يبد خاطر ما حتى يتحول إلى يقين لا يقبل الشك
-----------------
بما ان الجماهير لا تعرف الا العواطف البسيطة والمتطرفة فان الاراء و الافكار و العقائد التي يحرضونها عليها تقبل من قبلها او ترفض دفعة واحدة , فاما ان تعتبرها كحقائق مطلقة او كاخطاء مطلقة
-----------------
لحسن حظ الحضارة فان هيمنة الجماهير على الحياة العامة لم تولد الا بعد ان كانت الاكتشافات الكبرى للعلم و الصناعة قد تحققت و انتهت
------------------
الجماهير التي تضرب عن العمل تفعل ذلك من اجل اطاعة الاوامر اكثر مما تفعله من اجل الحصول على زيادة الرواتب و نادرا ما تكون المصلحة الشخصية محركا قويا لدى الجماهير هذا في حين انها تشكل المحرك الكلي تقريبا لدوافع الفرد الواحد
-----------------
في زمن المساواة لا يعود البشر يثقون ببعضهم البعض بسبب تشابههم و لكن هذا التشابه يعطيهم ثقة لا حدود لها تقريبا في حكم الجمهور العام و رايه , و ذلك لانهم يجدون من غير الممكن الا تكون الحقيقة في جهة العدد الاكبر بما ان الجميع يمتلكون نفس العقل
------------------
ان التقليص التدريجي لكل الحريات لدى بعض الشعوب يبدو انه ناتج عن شيخوختها بقدر ما هو ناتج عن النظام السياسي . نقول ذلك على الرغم من مظاهر التحلل و الاباحية التي قد توهم هذه الشعوب بامتلاك الحرية . و هذا التقليص يشكل احد الاعراض المنذرة بمجيء مرحلة الانحطاط التي لم تستطع اي حضارة في العالم ان تنجو منها حتى الان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق